بقلوب مكتئبة، وكبود ملتهبة، ودموع منسكبة، وآهات متوالية، وأنّات متتابعة، أخبر اليوم بزيارتي والجلوس بين يدي مقبرة أستاذي ومعلمي الشيخ كياهي الحاج (نورالأنوار) الذي أنجزت فيه المنية وعدها قبل أسابيع؛ تاريخ 27 نوفمبر.
وهو ابن الشيخ كياهي الحاج (نور علي)، الملقب ب "أسد كراوانج بكاسي" وكان قد تلقى وأخذ وتتلمذ على يد السيد الشيخ الحبيب علوي المالكي، وهو كان انثنى إلى إندونيسيا بعد ما قيل له (يكفيك)، على أن هذا الشبل من ذلك الأسد.
درسني بعض ألفية ابن مالك وبعض أصول الفقه، وكان نبهني والإخوة على فضل النحو وهو يدرس حديث سيدنا معاذ رضي الله تعالى عنه الذي منه : (الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله) مصححا لما في الكتاب، وقد نقصه كلمة "رسول"، بعبارات دالة على نور اﻹخلاص والورع والتواضع.
وله هيبة عندي عظيمة، ومما ذكرت : أنه كان ابتسم لي لما أقرأ الكتاب قراءة صحيحة، في حين أنه غضب شيئا ما لزميلي وخلي لما يتلو ويقرأ مع أنه ثاني الاوائل، هذا للتنبيه على أن القراءة أول باب للفهم، كما أن علوم الآلات باب لعلوم المقاصد، وعليه فادخلوا البيوت من أبوابها، ومنه : أني كنت أحب أن أحتذي حذو هيئته في الصلاة، بل اقتديته بالفعل في بعضها، ثقة مني بعلمه وحبا مني لشخصيته.
وبعد ، فتغمد المولى تعالى أستاذي ومعلمي بالرحمى وجعل سكناه الفردوس الأعلى، بجاه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم".
تنبيه :
*أغلب العبارات من مولانا الشيخ فوزي، وأحب وأود أن أقتديه حتى في ألفاظه وعباراته لأتعلم منها وأدرسها :
1- (كبود ملتهبة) : كأنك تقول : التهبت كبودي، فالكبد معروف، ولعل ههنا وجهين، الاول : إسناد الالتهاب إلى "الكبود" مجازا عقليا من باب إسناد معنى الفعل إلى جزء صاحبه، وقد وافق القاعدة التي توصلت إليها وهي أن العبرة في الإسناد المجازي هو المراد في كل من طرفيه، نظير مثالهم (أحيا شباب الزمان البقل) فهو إسناد الإنبات إلى الربيع، إلا أنه قد تجوز في كل من طرفيه، كما أن المراد هنا إسناد الحزن إلى النفس، وقد تجوز في الالتهاب والكبود، والثاني : استعارة مكنية، حيث شبه الكبد بشيء حسي يحرق ويحترق، يشعل ويشتعل، ثم حذف المشبه به ورمز إليه بشيء من لوازمه وهو الالتهاب (الاشتعال)، لكن لي فيه إشكال، هو ما وجه الشبه في التشبيه الذي هو أصل هذه الاستعارة ؟ لعله الخفة وسرعة الانهيار والتقطع، وعلى كل فالاصل : حزنت وحزنت نفسي ويحترق القرطاس، اللهم الفتح الفتح ولمن له المنة علي أن ينبه ويفتح
2- تقديم (المجرور وما عطف عليه) على قولي "أخبر" : للاختصاص تبعا لمولانا، إذ المقام مقام الحزن أي حزن، ولا يتصور أن أحزن أنا ومثلي بغير هذه المشاعر وبدون هذه الإحساسات، لا سيما أنني كنت أنوي التبرك بمصافحته وأعزم على تقبيل يده في رحلتي هذه، فيا للويل والخسران، فأرجو من الله تعالى بهذه الزيارة أن لا يجمع علي بين خسارة الدنيا والأخرى، وأن يمدني تعالى بعطاءاته وفتوحاته ويمطر علي ببركاته ومرضاته.
* إنما تأخرت ولم أبادر في النشر ليس إلا :
1- لأنه قد أغلق علي "الفيس بوك" وأقفل منذ مدة ولما أقدر على الدخول فيه بعد، وإن جربت ما جربت وحاولت ما حاولت
2- ولأن الغرض من المنشور :
أولا : الدعاء والتضرع إلى الله تعالى أمام الجماهير ليشاركوني فيه وليبتهج هو بي من أجله، إذ الروح لا تموت كما قال مولانا الشيخ يسري رضي الله تعالى عنه
ثانيا : الوفاء لحق الأستاذ على طالبه، والشيخ على تلميذه، وإن قل قلة تأثير الضفدع في إطفاء نار سيدنا إبراهيم عليه السلام، لا الافتخار بجمال الأساليب ولا الاعتزاز بحسن التعابير، أبدا، فضلا عن أنه مفتقد ضائع،
3- ولأني وجدت حوله وحواليه يوم خبر وفاته وتشييع جنازته جمعا غفيرا لا يحصى وجماعة مستكثرة لا تستحصى، كما ترون، وقلت في نفسي : يكفيهم الدعاء في مقدمة الداعين، وعلي ذلك في مؤخرة السائلين.
والله تعالى أعلى وأعلم
Penulis: H. Andi Yuna Hermawan, Lc. Dipl.
Related Posts

Subscribe Our Newsletter
Belum ada Komentar untuk "كشف الأسرار عن الشيخ نور الأنوار"
Posting Komentar